للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرشدت هذه الآية إلى أن الله تعالى أغنى الإنسان عن كل مخلوق،

وقد أشار عليه السلام إلى هذا المعنى: «والله لأن يأخذ أحدكم حبلة، فيحتطب على ظهره، خير له من أن يسأل أحدا، أعطاه أو منعه» (١). قال القرطبي:

ويدخل في معنى الاحتطاب جميع الأشغال من الصنائع وغيرها، فمن أحوج نفسه إلى بشر مثله، بسبب الحرص والأمل، والرغبة في زخرف الدنيا، فقد أخذ بطرف من جعل لله ندّا (٢).

وفي قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} دليل على الأمر باستعمال حجج العقول وإبطال التقليد، لأن المشركين يعلمون في الحقيقة أن المنعم عليهم هو الله دون الأنداد، ويعلمون وحدانيته بالقوة والإمكان لو تدبروا ونظروا وأعملوا عقولهم وأفكارهم، فلا داعي للوسائط‍ المزعومة في قولهم: {ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} [الزمر ٣/ ٣٥].

[تحدي الجاحدين بالإتيان بمثل أقصر سورة من القرآن]

{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَاُدْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)}


(١) أخرجه مسلم.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٣٠/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>