للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقصد من قوله: {آمَنّا} في دعاء المتقين: الإيمان الصحيح الذي تصدر عنه آثاره من ترك المعاصي وفعل الصالحات، إذا الإيمان: اعتقاد وقول وعمل.

وصرحت الآية بصفات المتقين: وهي الإيمان، والصبر، والصدق، والقنوت (الخشوع والطاعة) والإنفاق في سبيل الله، والاستغفار بالأسحار:

وهو الصلاة في آخر الليل (أي التهجد) وسؤال المغفرة، فإن المستغفرين بالأسحار يصلون ويستغفرون. وخص السحر بالذكر؛ لأنه مظانّ القبول ووقت إجابة الدعاء.

سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم جبريل: «أي الليل أسمع؟» فقال:

«لا أدري غير أن العرش يهتزّ عند السحر». والسحر: من حين يدبر الليل إلى أن يطلع الفجر، وقيل: هو سدس الليل الأخير. والأصح من هذا:

ما روى الأئمة عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا كل ليلة، حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني، فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر» (١). ووضحت وقت السحر

رواية النسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد: «إن الله عز وجل يمهل، حتى يمضي شطر الليل الأول..» وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل، ثم يقول: يا نافع، هل جاء السحر؟ فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح (٢).

والاستغفار: طلب المغفرة باللسان مع حضور القلب؛ لأن الله لا يستجيب دعاء غافل، لاه، معرض قلبه عن الله.


(١) هذا لفظ‍ مسلم، وتأول القرطبي أول الحديث: «ينزل الله..» بأنه من باب حذف المضاف، أي ينزل ملك ربنا، فيقول. ويرى أهل السلف: أن هناك نزولا يليق بذات الله من غير تحديد بمكان وكيفية، وهو أولى.
(٢) رواه ابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>