للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم الواقعة، حيث أقبل قوم من النصارى الأحباش الذين ملكوا اليمن، إلى الحجاز، يريدون تخريب الكعبة، فلما قربوا من مكة، وأرادوا دخولها، أرسل الله عليهم جماعات من الطيور محمّلة بحجارة، ألقوها عليهم، فأهلكتهم.

{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} أي أفسد خطتهم ومؤامرتهم، والمعنى: ألم تر أن ربك جعل مكرهم وتدبيرهم وسعيهم في تخريب الكعبة، واستباحة أهلها، في تضليل عما قصدوا إليه، وفي ضياع وإبطال، حتى لم يصلوا إلى البيت، ولا إلى ما أرادوا بكيدهم، بل أهلكهم الله تعالى. والكيد: هو إرادة مضرة بالغير على الخفية.

وإذا علم قومك هذا الأمر، فليخافوا أن يعاقبهم الله بعقوبة مماثلة، ما داموا يصرون على الكفر بالله تعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم وكتابه الكريم، ويصدون الناس عن سبيل الإيمان الحق بالله عزّ وجلّ.

{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} أي وبعث الله عليهم جماعات متفرقة من الطيور السود، جاءت من قبل البحر فوجا فوجا، مع كل طائر ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، لا يصيب شيئا إلا دمره وهشمه.

وهي حجارة صغيرة من طين متحجر، كالحمصة وفوق العدسة، فإذا أصاب أحدهم حجر منها، خرج به الجدري أو الحصبة، حتى هلكوا.

{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} أي فجعلهم فضلات وبقايا مثل ورق الزرع أو الشجر إذا أكلته الدواب، ثم راثته، فأهلكهم جميعا.

أخرج البخاري أنه: «لما أطل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية على الثنية التي تهبط‍ به على قريش، بركت ناقته، فزجروها، فألحت، فقالوا: خلأت

<<  <  ج: ص:  >  >>