للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أخبر الله تعالى عن حال أبي لهب في الماضي، فقال:

{ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ} أي لم يدفع عنه يوم القيامة ما جمع من المال، ولا ما كسب من الأرباح والجاه والولد، ولم يفده ذلك في دفع ما يحل به من الهلاك، وما ينزل به من عذاب الله، بسبب شدة معاداته لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وصدّه الناس عن الإيمان به، فإنه كان يسير وراء النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا قال شيئا كذّبه.

روى الإمام أحمد عن ربيعة بن عبّاد من بني الدّيل، وكان جاهليا فأسلم، قال: «رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم في الجاهلية في سوق ذي المجاز، وهو يقول: يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه، أحول، ذو غديرتين يقول: إنه صابئ كاذب، يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه، فقالوا: هذا عمه أبو لهب». والفرق بين المال والكسب:

أن الأول رأس المال، والثاني هو الربح.

ثم ذكر الله تعالى عقابه في المستقبل، فقال:

{سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ} أي سيذوق حرّ نار جهنم ذات اللهب المشتعل المتوقد، أو سوف يعذب في النار الملتهبة التي تحرق جلده، وهي نار جهنم. قال أبو حيان: والسين للاستقبال، وإن تراخى الزمان، وهو وعيد كائن إنجازه لا محالة، وإن تراخى وقته (١).

{وَامْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ} أي وتصلى امرأته أيضا نارا ذات لهب، وهي أم جميل، أروى بنت حرب، أخت أبي سفيان، كانت تحمل الشوك والغضى، وتطرحه بالليل على طريق النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: المراد أنها كانت تمشي بالنميمة،


(١) البحر المحيط‍: ٥٢٦/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>