للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء، أي أنه رفعه إلى السماء حيا بجسمه وروحه، وسينزل في آخر الزمان، فيحكم بشريعة الإسلام، ثم يميته الله. وهذا ما دلت عليه الأحاديث النبوية الصحيحة،

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن عيسى لم يمت، وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة».

٢ - التوفي: الإماتة العادية، والرفع: رفع الروح والمكانة، لا المكان، كما قال تعالى في شأن إدريس عليه السلام: {وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا} [مريم ٥٧/ ١٩] وقال في شأن المؤمنين: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر ٥٥/ ٥٤] ويكون المعنى: إني مميتك وجاعلك بعد الموت في مكان علي رفيع.

ويؤيد التأويل الأول أكثر العلماء، وقال بعضهم وهو الربيع بن أنس:

المراد بالوفاة هاهنا: النوم، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعام ٦٠/ ٦] وقال: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها، وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها} [الزمر ٤٢/ ٣٩]

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إذا قام من النوم: «الحمد لله الذي أحيانا، بعد ما أماتنا». وقال القرطبي: والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم، وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس.

وذكر الله تعالى قصة صلب عيسى ورفعه في آيات أخرى هي: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً. وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ، وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ، وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ، ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ، وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً. بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} [النساء ١٥٦/ ٤ - ١٥٩]. والضمير في قوله {قَبْلَ مَوْتِهِ} عائد على عيسى عليه السلام، أي: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن

<<  <  ج: ص:  >  >>