للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البلاغة]

قوله تعالى {ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ} إيهام بأن القول لا يكون إلا بالفم، فما معنى ذكر أفواههم؟ قلت فيه وجهان: أحدهما: أن يراد أنه قول لا يعضده برهان، فما هو إلا لفظ يفوهون به، فارغ من معنى تحته، كالألفاظ المهملة التي هي أجراس ونغم لا تدل على معان، والثاني: أن يراد بالقول المذهب، كقولهم: قول أبي حنيفة، يريدون مذهبه وما يقول به. كأنه قيل: ذلك مذهبهم ودينهم بأفواههم لا بقلوبهم.

[الفوائد]

ورد في هذه الآية قوله تعالى: {مِنْ قَبْلُ} ويقال في إعرابها: اسم مبني على الضم في محل جر بمن.

وسنوضح الآن حكم كلمتي: قبل وبعد من البناء والإعراب:

١ - إذا قطعتا عن الإضافة لفظا لا معنى، فهما مبنيتان على الضم في محل نصب على الظرفية، كقولنا: جئت قبل وذهبت بعد، أو في محل جر بحرف الجر كقوله تعالى: لله الأمر من قبل ومن بعد. ومعنى الانقطاع عن الإضافة لفظا: أنه لم يأت بعدهما مضاف إليه، ومعنى عدم انقطاعهما معنى، أنه يقدر بعدهما مضاف إليه والتقدير: لله الأمر من قبل ذلك ومن بعد ذلك.

٢ - إذا قطعتا عن الإضافة لفظا ومعنىّ: (أي لم يأت بعدهما مضاف إليه، ولا يمكن أن نقدر بعدهما مضاف إليه)، فإنهما معربتان كقول الشاعر:

وساغ لي الشراب وكنت قبلا... أكاد أغصّ بالماء الفرات

فالشاهد فيه قبلا وهي ظرف زمان منصوب بالفتحة لانقطاعها عن الإضافة لفظا ومعنىّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>