للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَازَّيَّنَتْ» ففي الكلام استعارة بالكناية، حيث شبهت الأرض بالعروس، وحذف المشبه به، وأقيم المشبه مقامه. وإثبات أخذ الزخرف لها تخييل، وما بعده ترشيح.

٣ - الاستعارة: في قوله تعالى «فَجَعَلْناها حَصِيداً» استعارة مصرحة. والأصل جعلنا نباتها هالكا. فشبه الهالك بالحصيد، وأقيم اسم المشبه به مقامه، ولا ينافيه تقدير المضاف، كما توهم، لأنه لم يشبه الزرع بالحصيد بل الهالك به.

وذهب السكاكي إلى أن في الكلام استعارة بالكناية حيث شبهت الأرض المزخرفة والمزينة بالنبات الناضر المونق الذي ورد عليه ما يزيده ويغنيه وجعل الحصيد تخيلا.

[الفوائد]

- التناسق في المعنى:

لقد عبرت هذه الآية الكريمة عن سرعة زوال الحياة الدنيا وفنائها، وأنها زخرف خادع، سرعان ما يبهت وينطفئ بريقه، وهناك لفتات في التعبير توحي بهذا المعنى إيحاء شديدا، فقد قال تعالى {إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ} نحن هنا في التعبير على سرعة زوال الدنيا، لذلك جاء المعنى متناسقا مع هذه الفكرة، ونرى كيف أن النبات هو الذي يسرع ليستقبل ماء السماء مع أن ماء السماء هو الذي يسقط على النبات، وفي هذا قوة في المعنى تمنحه بعدا عميقا، وكذلك يقفز الزمن مراحل سريعة، فسرعان ما تأخذ الأرض زخرفها وتتزين، وسرعان ما يظن أهلها أنهم مقيمون في نعيمها، وسرعان ما يأتيها أمر الله ليلا أو نهارا، فتصبح حصيدا كأن لم تغن بالأمس، تناسق بديع وملاءمة بين المعنى والمبنى تبلغ قمة الكمال!

{وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)}

الإعراب:

(الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يدعو)

<<  <  ج: ص:  >  >>