للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يا سَماءُ...» فإن الحقيقة يا مطر السماء، والإشارة في «وَغِيضَ الْماءُ...» فإنه عبر به عن معان كثيرة لأن الماء لا يفيض حتى يقلع مطر السماء وتبلع الأرض ما يخرج منها فينقص ما على وجه الأرض، والإرداف في «وَاسْتَوَتْ...»، والتمثيل في «وَقُضِيَ الْأَمْرُ...»، والتعليل فإن غيض الماء علة للاستواء، وصحة التقسيم فإنه استوعب أقسام الماء حال نقصه، والاحتراس في الدعاء لئلا يتوهم أن الغرق لعمومه شمل من لا يستحق الهلاك فإن عدله تعالى يمنع أن يدعو على غير مستحق، وحسن النسق، وائتلاف اللفظ مع المعنى، والإيجاز فإنه سبحانه قص القصة مستوعبة بأخصر عبارة، والتسهيم لأن أول الآية يدل على آخرها، والتهذيب لأن مفرداتها موصوفة بصفات الحسن، وحسن البيان من جهة أن السامع لا يتوقف في فهم معنى الكلام ولا يشكل عليه شيء منه، والتمكين لأن الفاصلة مستقرة في محلها مطمئنة في مكانها والانسجام، وزاد الجلال السيوطي الاعتراض.

[الفوائد]

١ - الإعجاز البلاغيّ في القرآن:

لقد اشتملت هذه الآية على فنون من البلاغة تجاوزت خمسة وعشرين فنا، قد ذكرها علماء البلاغة مفصلة ولا مجال لعرضها، ولا يسع الإنسان إلا أن يخر ساجدا لعظمة الله عز وجل، وينحني أمام بيانه المعجز، مقرا بأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. ويروى أن عالما كبيرا حاول أن ينتقد القرآن الكريم وذلك باكتشاف عيب بسيط فيه، واستمرت المحاولة شهورا، وكان له جماعه يترددون عليه ويسألونه ما صنع؟ ولكنه في نهاية المطاف كسر القلم والدواة وقال: هذا كلام الله لا يناقش، ثم مر على مسجد فسمع غلاما يتلو هذه الآية فقال: ما كان لبشر أن يقول مثل هذا الكلام.

٢ - تعليق الإمام النسفي على هذه الآية:

ومن جهة الفصاحة المعنوية، وهي كما ترى نظم للمعاني لطيف، وتأدية لها

<<  <  ج: ص:  >  >>