للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جادة الحق، ضالة الراشدين وبغية المهديين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

لقد بذل الأستاذ محمود صافي رحمه الله في إعداد هذا الكتاب الكريم من الجهد ما يتناسب مع جلال المهمة التي استعد لها وندب نفسه للقيام بها. فكان لا يُرى إلا قارئاً أو كاتباً.. نظر في أوثق التفاسير، واطلع على مختلف معاجم اللغة، وتناول أمهات كتب النحو بالدرس والمقارنة والتحليل وصبر نفسه الليالي ذوات العدد، حتى اختلطت عليه دلجة الليل بغسق الفجر، وهو مكبٌّ على آيات الله، موجِّهٌ عنايته إلى ناحية بعينها من كلماتها وجملها، وهي ناحية الإعراب والنحو، حتى كان له ما أراد فأنجز إعراب الكتاب الكريم في نحو سنواتٍ ست، وأسعد الله قلبه بأمل طالما تمنى تحقيقه، وبعمل طالما تاقت نفسه إلى النهوض به.

لم تكن الخطة التي انتهجها الأستاذ محمود صافي عملًا في الإعراب لقصد الإعراب وحده وإن كان الإعراب واحداً من أبرز مقاصده، بل لقد كان المقصد الأساس في عمله كله - وإنما كانت، وقبل كل شيء، سعياً وراء الملاءمة بين التفسير والقاعدة النحوية، فالإعراب لا يمكن أن يأتي دقيقاً صائباً في منأى عن الفهم الصحيح للعبارة القرآنية الكريمة.. ومن هنا كانت الصعوبة، فمع كتابٍ ككتاب الله العظيم تشعبت فيه مذاهب المفسرين وتباينت مواقفهم من الكلمة ومدلولها وإيحائها، في كثير من الأحيان، كانت عملية الملاءمة هذه تبدو أمراً في غاية الصعوبة.. إضافةً إلى أن الفهم البلاغي وتوجيه التعبير نحو هذا المقصد أو ذاك كان هو الآخر مصدر صعوبة لا يُستهان بها.. ومع ذلك فقد كان الأستاذ محمود، رحمه الله وأجزل له الأجر، يتخير من الأوجه المتعددة ما يرى أنه أدناها إلى أصالة اللغة، مع حرص ظاهر في كثير من الأحيان

<<  <  ج: ص:  >  >>