للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

اذْهَبْ بِهَا اذْهَبْ بِهَا ... طَوَّقْتَهَا طَوْقَ الْحَمَامَةِ

فَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: اللُّزُومُ وَعَدَمُ الِانْفِكَاكِ.

وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا [١٧ \ ١٣] ، ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ الَّذِي أَلْزَمَ الْإِنْسَانَ إِيَّاهُ يُخْرِجُهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كِتَابٍ يَلْقَاهُ مَنْشُورًا، أَيْ مَفْتُوحًا يَقْرَؤُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ.

وَبَيَّنَ أَشْيَاءَ مِنْ صِفَاتِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي يَلْقَاهُ مَنْشُورًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، فَبَيَّنَ أَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ: أَنَّ الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقُونَ ; أَيْ خَائِفُونَ مِمَّا فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا، وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَ فِيهِ جَمِيعَ مَا عَمِلُوا حَاضِرًا لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ غَائِبًا، وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا لَا يَظْلِمُهُمْ فِي الْجَزَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [١٨ \ ٤٩] .

وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُؤْتَى هَذَا الْكُتَّابُ بِيَمِينِهِ - جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ - وَأَنَّ مَنْ أُوتِيَهُ بِيَمِينِهِ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا، وَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا، وَأَنَّهُ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، قَالَ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا [٨٤ \ ٧ - ٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ [٦٩ \ ١٩ - ٢٣] .

وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ مَنْ أُوتِيَهُ بِشَمَالِهِ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَهُ، وَأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ فَيَصْلَى الْجَحِيمَ، وَيُسْلَكُ فِي سِلْسِلَةٍ مِنْ سَلَاسِلِ النَّارِ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [٦٩ \ ٢٥ - ٣٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>