للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا [٣٣ ٣٨] . وَقَالَ جَرِيرٌ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ:

نَالَ الْخِلَافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فِي ذِكْرِي اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى.

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ فِي قَوْلِهِ هُنَا: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي الْآيَاتُ التِّسْعُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ الْآيَةَ [١٧ ١٠١] ، وَقَوْلُهُ: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ الْآيَةَ [٢٧ ١٢] . وَالْآيَاتُ التِّسْعُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ: الْعَصَا، وَالْيَدُ الْبَيْضَاءُ. . . إِلَى آخِرِهَا. وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ طَغَى.

أَصْلُ الطُّغْيَانِ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَمِنْهُ: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ [٦٩ ١١] وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى شِدَّةَ طُغْيَانِ فِرْعَوْنَ وَمُجَاوَزَتَهُ الْحَدَّ فِي قَوْلِهِ عَنْهُ: فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [٧٩ ٢٤] ، وَقَوْلِهِ عَنْهُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [٢٨ ٣٨] ، وَقَوْلِهِ عَنْهُ أَيْضًا: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [٢٦ ٢٩] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَلَا تَنِيَا مُضَارِعُ وَنَى يَنِي، عَلَى حَدِّ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ:

فَا أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ مِنْ كَوَعَدْ ... احْذِفْ وَفِي كَعِدَةٍ ذَاكَ اطَّرَدْ

وَالْوَنَى فِي اللُّغَةِ: الضَّعْفُ، وَالْفُتُورُ، وَالْكَلَالُ، وَالْإِعْيَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي مُعَلَّقَتِهِ:

مِسَحٌّ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الْوَنَى ... أَثَرْنَ غُبَارًا بِالْكَدِيدِ الْمُرَكَّلِ

وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:

فَمَا وَنَى مُحَمَّدٌ مُذْ أَنْ غَفَرْ ... لَهُ الْإِلَهُ مَا مَضَى وَمَا غَبَرْ

فَقَوْلُهُ: وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي أَيْ لَا تَضْعُفَا، وَلَا تَفْتُرَا فِي ذِكْرِي. وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى مَنْ يَذْكُرُهُ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [٣ ١٩١] ، وَأَمَرَ بِذِكْرِ اللَّهِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فِي قَوْلِهِ: إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا [٨ ٤٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>