للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ هُمْ أُولَاءِ الْمَدُّ فِيهِ لُغَةُ الْحِجَازِيِّينَ. وَرَجَّحَهَا ابْنُ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

وَالْمَدُّ أَوْلَى.

وَلُغَةُ التَّمِيمِيِّينَ «أُولَا» بِالْقَصْرِ، وَيَجُوزُ دُخُولُ اللَّامِ عَلَى لُغَةِ التَّمِيمِيِّينَ فِي الْبُعْدِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أُولَالِكَا قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً ... وَهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلَّا أُولَالِكَا

وَأَمَّا عَلَى لُغَةِ الْحِجَازِيِّينَ بِالْمَدِّ فَلَا يَجُوزُ دُخُولُ اللَّامِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ.

الظَّاهِرُ أَنَّ الْفِتْنَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ عِبَادَتُهُمُ الْعِجْلَ. فَهِيَ فِتْنَةُ إِضْلَالٍ. كَقَوْلِهِ: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ [٧ ١٥٥] . وَهَذِهِ الْفِتْنَةُ بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ جَاءَتْ مُبَيَّنَةً فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ. كَقَوْلِهِ: وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ [٢ ٥١] وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ هُنَا: وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ أَوْضَحَ كَيْفِيَّةَ إِضْلَالِهِ لَهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. كَقَوْلِهِ: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ إِلَى قَوْلِهِ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ [٧ ١٤٨] أَيِ: اتَّخَذُوهُ إِلَهًا وَقَدْ صَنَعَهُ السَّامِرِيُّ لَهُمْ مِنْ حُلِيِّ الْقِبْطِ فَأَضَلَّهُمْ بِعِبَادَتِهِ. وَقَوْلُهُ هُنَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ [٢٠ ٨٨] وَالسَّامِرِيُّ: قِيلَ اسْمُهُ هَارُونُ، وَقِيلَ اسْمُهُ مُوسَى بْنُ ظُفَرَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ مِنْ قَوْمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ. وَقِيلَ: كَانَ رَجُلًا مِنَ الْقِبْطِ. وَكَانَ جَارًا لِمُوسَى آمَنَ بِهِ وَخَرَجَ مَعَهُ. وَقِيلَ: كَانَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبِيلَةٍ تُعْرَفُ بِالسَّامِرَةِ وَهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالشَّامِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ مِنْ أَهْلِ كَرْمَانَ. وَالْفِتْنَةُ أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ: وَضْعُ الذَّهَبِ فِي النَّارِ لِيُتَبَيَّنَ أَهْوَ خَالِصٌ أَمْ زَائِفٌ. وَقَدْ أُطْلِقَتْ فِي الْقُرْآنِ إِطْلَاقَاتٍ مُتَعَدِّدَةً:

(مِنْهَا) : الْوَضْعُ فِي النَّارِ، كَقَوْلِهِ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ [٥١ ١٣] أَيْ: يُحْرَقُونَ بِهَا، وَقَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْآيَةَ [٨٥ ١٠] . أَيْ: أَحْرَقُوهُمْ بِنَارِ الْأُخْدُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>