للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ:

آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ رُبَّ ... ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ

يَعْنِي أَعْلَمَتْنَا بِبَيْنِهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ.

ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ عَلِمَ مَا يَجْهَرُ بِهِ خَلْقُهُ مِنَ الْقَوْلِ، وَيَعْلَمُ مَا يَكْتُمُونَهُ. وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٦٧ \ ١٣] وَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ [٢٤ \ ٢٩] فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَقَوْلِهِ: قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [٢ \ ٣٣] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [٥٠ \ ١٦] وَقَوْلِهِ: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [٢٠ \ ٧] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ.

قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ قُلْ رَبِّ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ. وَقَرَأَهُ حَفْصٌ وَحْدَهُ قَالَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ بِصِيغَةِ الْمَاضِي. وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ. وَقِرَاءَةُ حَفْصٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ امْتَثَلَ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ. وَمَا أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَهُ هُنَا قَالَهُ نَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ [٧ \ ٨٩] وَقَوْلِهِ: افْتَحْ أَيْ: احْكُمْ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [٢١ \ ١١٢] أَيْ: تَصِفُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ بِادِّعَاءِ الشُّرَكَاءِ وَالْأَوْلَادِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ الْآيَةَ [١٦ \ ٦٢] وَقَالَ: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ الْآيَةَ [١٦ \ ١١٦] . وَمَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَهُ يَعْقُوبُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ أَوْلَادَهُ فَعَلُوا بِأَخِيهِمْ يُوسُفَ شَيْئًا غَيْرَ مَا أَخْبَرُوهُ بِهِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [١٢ \ ١٨] وَالْمُسْتَعَانُ: الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْعَوْنُ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>