للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ دَلَّتْهُ خَجُوجٌ كَنَسَتْ ... مَا حَوْلَهُ حَتَّى بَدَا مَا أَسَّسَتْ

قَبْلَ الْمَلَائِكِ مِنَ الْبِنَاءِ ... قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ إِلَى السَّمَاءِ

وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ شَبِيهٌ بِالْإِسْرَائِيلِيَّاتِ لَا يُصَدَّقُ مِنْهُ إِلَّا مَا قَامَ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ، وَلِذَلِكَ نُقَلِّلُ مِنْ ذِكْرِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ.

مَسْأَلَةٌ

يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ عِنْدَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ قَذَرٌ مِنَ الْأَقْذَارِ، وَلَا نَجَسٌ مِنَ الْأَنْجَاسِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَلَا الْحِسِّيَّةِ، فَلَا يُتْرَكُ فِيهِ أَحَدٌ يَرْتَكِبُ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ، وَلَا أَحَدٌ يُلَوِّثُهُ بِقَذَرٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ دُخُولَ الْمُصَوِّرِينَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَوْلَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ بِآلَاتِ التَّصْوِيرِ يُصَوِّرُونَ بِهَا الطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ - أَنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ تَطْهِيرِ بَيْتِهِ الْحَرَامِ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، فَانْتِهَاكُ حُرْمَةِ بَيْتِ اللَّهِ بِارْتِكَابِ حُرْمَةِ التَّصْوِيرِ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ تَصْوِيرَ الْإِنْسَانِ دَلَّتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ، وَظَاهِرُهَا الْعُمُومُ فِي كُلِّ أَنْوَاعِ التَّصْوِيرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ارْتِكَابَ أَيِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مِنَ الْأَقْذَارِ وَالْأَنْجَاسِ الْمَعْنَوِيَّةِ الَّتِي يَلْزَمُ تَطْهِيرُ بَيْتِ اللَّهِ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْكَلَامِ الْمُخِلِّ بِالدِّينِ وَالتَّوْحِيدِ لَا يَجُوزُ إِقْرَارُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا تَرْكُهُ.

وَنَرْجُو اللَّهَ لَنَا وَلِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَنَا، وَلِإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ التَّوْفِيقَ إِلَى مَا يُرْضِيهِ فِي حَرَمِهِ، وَسَائِرِ بِلَادِهِ، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ

الْأَذَانُ فِي اللُّغَةِ: الْإِعْلَامُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَقَوْلُ الْحَارْثِ بْنِ حِلِّزَةَ:

آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يَمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ

وَالْحَجُّ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ وَكَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ وَالتَّرَدُّدِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: حَجَّ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا: إِذَا قَصَدُوهُ وَأَطَالُوا الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ وَالتَّرَدُّدَ عَلَيْهِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ:

أَلَمْ تَعْلَمِي يَا أُمَّ أَسْعَدَ أَنَّمَا ... تَخَاطَأَنِي رَيْبُ الْمَنُونِ لِأَكْبَرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>