للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْمُحْيِي الْمُمِيتِ، وَعَدَمِ الْكُفْرِ بِهِ فِي قَوْلِهِ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ الْآيَةَ [٢ \ ٢٨] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ، الْأَظْهَرُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ [٢٢ \ ٦٧] ، أَيْ: مُتَعَبَّدًا هُمْ مُتَعَبِّدُونَ فِيهِ ; لِأَنَّ أَصْلَ النُّسُكِ التَّعَبُّدُ وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَنْسَكَ كُلِّ أُمَّةٍ فِيهِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالذَّبْحِ، فَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ النُّسُكِ صَرَّحَ الْقُرْآنُ بِدُخُولِهِ فِي عُمُومِهِ، وَذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّذِي تَضَمَّنَهَا هَذَا الْكِتَابُ الْمُبَارَكُ.

وَالْآيَةُ الَّتِي بَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا ذَلِكَ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا الْآيَةَ [٢٢ \ ٣٤] وَقَوْلُهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا [٢٢ \ ٣٤ وَ ٦٧] فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ السِّينِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى، أَمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى رَبِّهِمْ، أَيْ: إِلَى طَاعَتِهِ، وَأَخْبَرَهُ فِيهَا أَنَّهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أَيْ: طَرِيقِ حَقٍّ وَاضِحٍ لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَيْهِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، جَاءَ وَاضِحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا: وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [٢٨ \ ٨٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ الْآيَةَ [٤٢ \ ١٥] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [١٦ \ ١٢٥] وَأَخْبَرَ - جَلَّ وَعَلَا - أَنَّهُ امْتَثَلَ الْأَمْرَ بِدُعَائِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [٢٣ \ ٧٣] وَقَوْلِهِ: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [٤٢ \ ٥٢] وَكَقَوْلِهِ فِي الْأَخِيرِ: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [٢٧ \ ٧٩] وَقَوْلِهِ: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا الْآيَةَ [٤٥ \ ١٨] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [٤٨ \ ٢] .

وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ، أَمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ إِنْ جَادَلَهُ الْكُفَّارُ أَيْ: خَاصَمُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>