للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَعْرَافِ: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [٧ \ ٩٤ - ٩٥] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ، قَدْ ذَكَرْنَا الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا إِيضَاحٌ لِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [١٦ \ ٧٨] وَبَيَّنَّا هُنَاكَ وَجْهَ إِفْرَادِ السَّمْعِ مَعَ الْجَمْعِ لِلْأَبْصَارِ وَالْأَفْئِدَةِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، ذَرَأَكُمْ مَعْنَاهُ: خَلَقَكُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الْآيَةَ [٧ \ ١٧٩] وَقَوْلُهُ فِي الْأَرْضِ، أَيْ: خَلَقَكُمْ وَبَثَّكُمْ فِي الْأَرْضِ، عَنْ طَرِيقِ التَّنَاسُلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً الْآيَةَ [٤ \ ١] وَقَالَ: ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [٣٠ \ ٢٠] وَقَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أَيْ: إِلَيْهِ وَحْدَهُ، تُجْمَعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً بَعْدَ الْبَعْثِ لِلْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ.

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ، مِنْ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ، وَبَثَّهُمْ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ سَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، جَاءَ مَعْنَاهُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [٢٣ \ ١٢ - ١٦] وَذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - أَيْضًا هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِي سُورَةِ الْمُلْكِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [٦٧ \ ٢٣ - ٢٥] وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى الْإِمَاتَتَيْنِ وَالْإِحْيَاءَتَيْنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الدَّوَاعِي لِلْإِيمَانِ بِهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [٢٢ \ ٢٦] وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ [٢ \ ٢٨] ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>