للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ [٢١ \ ١٠١] ، إِلَى قَوْلِهِ: هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [٢١ \ ١٠٣] ، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ الْآيَةَ [٤٣ \ ٥٧ - ٥٩] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ الْآيَةَ [١٧ \ ٥٧] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: فَاهْدُوهُمْ، مِنَ الْهُدَى الْعَامِّ، أَيْ: دُلُّوهُمْ وَأَرْشِدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ، أَيْ: طَرِيقِ النَّارِ لِيَسْلُكُوهَا إِلَيْهَا، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاهْدُوهُمْ، رَاجِعٌ إِلَى الثَّلَاثَةِ، أَعْنِي: الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ.

وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ الْهُدَى يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِرْشَادِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى الشَّرِّ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ: كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [٢٢ \ ٤] ، وَلِذَلِكَ كَانَ لِلشَّرِّ أَئِمَّةٌ يُؤْتَمُّ بِهِمْ فِيهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ الْآيَةَ [٢٨ \ ٤١] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [٧ \ ٦] ، وَبَيَّنَّا هُنَاكَ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَاتِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [٢٨ \ ٧٨] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ [٥٥ \ ٣٩] ، مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [١٥ \ ٩٢ - ٩٣] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ الْآيَةَ [٧ \ ٦] . وَقَوْلِهِ هُنَا: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ مَعَ التَّعَرُّضِ لِإِزَالَةِ إِشْكَالَيْنِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ، فِي سُورَةِ «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ [٢٣ \ ١٠١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>