للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ أَوْضَحْنَا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَبَيَّنَّا الْعَمَلَ الصَّالِحَ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَأَوْضَحْنَا الْآيَاتِ الْمُبَيِّنَةَ لِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ مُؤْمِنٌ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ، فِي سُورَةِ النَّحْلِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً الْآيَةَ [١٦ \ ٩٧] . وَفِي أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا [١٨ \ ٢ - ٣] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ. الظَّاهِرُ أَنَّ جُمْلَةَ قَوْلِهِ تَدْعُونَنِي تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ; لِأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالْإِشْرَاكِ بِهِ دَعْوَةٌ إِلَى النَّارِ.

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ الْكُفْرَ وَالْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ مُسْتَوْجِبٌ لِدُخُولِ النَّارِ، بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ [٥ \ ٧٢] ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ مِنْ ذَلِكَ، فِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ الْآيَةَ [٢٢ \ ٣١] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ. التَّحْقِيقُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ كَلَامِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لِمُوسَى فِيهِ دَخْلٌ.

وَقَوْلُهُ: فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ، يَعْنِي أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْلَمُونَ صِحَّةَ مَا كَانَ يَقُولُ لَهُمْ، وَيَذْكُرُونَ نَصِيحَتَهُ، فَيَنْدَمُونَ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ تَنْكَشِفُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقَائِقُ مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا - كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [٦ \ ٦٦ - ٦٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [٣٨ \ ٨٨] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [٧٨ \ ٤ - ٥] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [١٠٢ \ ٣ - ٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>