للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٤ \ ١٦٣ - ١٦٥] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِيهِ الثَّنَاءَ عَلَى نَفْسِهِ بِاسْمِهِ الْعَزِيزِ وَاسْمِهِ الْحَكِيمِ بَعْدَ ذِكْرِهِ إِنْزَالَهُ وَحْيَهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ «النِّسَاءِ» الْمَذْكُورَةِ: وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا بَعْدَ ذِكْرِهِ إِيحَاءَهُ إِلَى رُسُلِهِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الزُّمَرِ» أَنَّ اسْتِقْرَاءَ الْقُرْآنِ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - جَلَّ وَعَلَا - إِذَا ذَكَرَ تَنْزِيلَهُ لِكِتَابِهِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بَعْضَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا، وَذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ.

وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ ابْنِ كَثِيرٍ: (يُوحِي) بِكَسْرِ الْحَاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ هَذِهِ فَقَوْلُهُ: (اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) - فَاعِلُ يُوحِي.

وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ (يُوحَى إِلَيْكَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، فَقَوْلُهُ: (اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يُوحَى، كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي سُورَةِ «النُّورِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ [٢٤ \ ٣٦ - ٣٧] .

وَقَدْ قَدَّمْنَا مَعَانِيَ الْوَحْيِ مَعَ الشَّوَاهِدِ الْعَرَبِيَّةِ فِي سُورَةِ «النَّحْلِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [١٦ \ ٦٨] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

وَصَفَ نَفْسَهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِالْعُلُوِّ وَالْعَظَمَةِ، وَهُمَا مِنَ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [٧ \ ٥٤] .

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ وَصْفِهِ - تَعَالَى - نَفْسَهُ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ الْجَامِعَتَيْنِ الْمُتَضَمِّنَتَيْنِ لِكُلِّ كَمَالٍ وَجَلَالٍ - جَاءَ مِثْلُهُ فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [٢ \ ٢٥٥] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [٤ \ ٣٤] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [١٣ \ ٩] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [٤٥ \ ٣٧] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>