للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ الْآيَةَ [٣٣ \ ٧] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ.

الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (فِيهِ) ، رَاجِعٌ إِلَى الدِّينِ فِي قَوْلِهِ: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) .

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الِافْتِرَاقِ فِي الدِّينِ - جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَدْ بَيَّنَ - تَعَالَى - أَنَّهُ وَصَّى خَلْقَهُ بِذَلِكَ، فَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا الْآيَةَ [٣ \ ١٠٣] . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [٦ \ ١٥٣] . وَقَدْ بَيَّنَ - تَعَالَى - فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَجْتَنِبُونَ هَذَا النَّهْيَ، وَهَدَّدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [٦ \ ١٥٩] . لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِلَى قَوْلِهِ: يَفْعَلُونَ - فِيهِ تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ لَهُمْ.

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» : وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ [٢٣ \ ٥٢ - ٥٤] .

فَقَوْلُهُ: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً أَيْ: إِنَّ هَذِهِ شَرِيعَتُكُمْ شَرِيعَةً وَاحِدَةً، وَدِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ، وَرَبُّكُمْ وَاحِدٌ فَلَا تَتَفَرَّقُوا فِي الدِّينِ.

وَقَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَجْتَنِبُوا مَا نُهُوا عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ فِيهِ تَهْدِيدٌ لَهُمْ وَوَعِيدٌ عَظِيمٌ عَلَى ذَلِكَ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ «الْأَنْبِيَاءِ» : إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ [٢١ \ ٩٢ - ٩٣] . فَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ فِيهِ أَيْضًا تَهْدِيدٌ لَهُمْ وَوَعِيدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي آخِرِ سُورَةِ «الْأَنْبِيَاءِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً الْآيَةَ [٢١ \ ٩٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>