للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِطْلَاقُ الْجُزْءِ عَلَى الْوَلَدِ يُوَجَّهُ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ الْجُزْءَ مُرَادًا بِهِ الْبَنَاتُ، وَيَقُولُونَ: أَجْزَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتِ الْبَنَاتِ، وَامْرَأَةُ مُجْزِئَةٌ، أَيْ تَلِدُ الْبَنَاتِ، قَالُوا وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةً يَوْمًا فَلَا عَجَبَ ... قَدْ تُجْزِيءُ الْحُرَّةُ الْمِذْكَارَ أَحْيَانًا

وَقَوْلُ الْآخَرِ:

زَوَّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الْأَوْسِ مُجْزِئَةً ... لِلْعَوْسَجِ اللَّدْنِ فِي أَبْيَاتِهَا زَجَلُ

وَأَنْكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذِهِ اللُّغَةَ قَائِلًا: إِنَّهَا كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ عَلَى الْعَرَبِ.

قَالَ فِي الْكَشَّافِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَمِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ تَفْسِيرُ الْجُزْءِ بِالْإِنَاثِ، وَادِّعَاءُ أَنَّ الْجُزْءَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ اسْمٌ لِلْإِنَاثِ، وَمَا هُوَ إِلَّا كَذِبٌ عَلَى الْعَرَبِ، وَوَضْعٌ مُسْتَحْدَثٌ مَنْحُولٌ، وَلَمْ يُقْنِعْهُمْ ذَلِكَ حَتَّى اشْتَقُّوا مِنْهُ (أَجَزَأَتِ الْمَرْأَةُ) ثُمَّ صَنَعُوا بَيْتًا وَبَيْتًا:

إِنْ أَجَزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْمًا فَلَا عَجَبَ ... زَوَّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الْأَوْسِ مُجْزِئَةً

اهـ. مِنْهُ بِلَفْظِهِ.

وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ فِي اللِّسَانِ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَعْنِي بِهِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ بَنَاتِ اللَّهِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَمَّا افْتَرَوْا، قَالَ: وَقَدْ أَنْشَدْتُ بَيْتًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى جُزْءًا مَعْنَى الْإِنَاثِ ; قَالَ - وَلَا أَدْرِي الْبَيْتَ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مَصْنُوعٌ -:

إِنْ أَجَزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْمًا فَلَا عَجَبَ

الْبَيْتَ.

وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا، أَيْ جَعَلُوا نَصِيبَ اللَّهِ مِنَ الْوَلَدُُِ

<<  <  ج: ص:  >  >>