للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«الْكَهْفِ» : ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا [١٨ \ ١٠٦] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْكَهْفِ» أَيْضًا: وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ الْآيَةَ [١٨ \ ٥٦ - ٣٥] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ «الْجَاثِيَةِ» هَذِهِ: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا [٤٥ \ ٣٤ - ٣٥] .

وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَمْزَةَ وَحَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ -: هُزُؤًا بِضَمِّ الزَّايِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مُحَقَّقَةٌ.

وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِضَمِّ الزَّايِ وَإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ وَاوًا.

وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ هُزْءًا، بِسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مُحَقَّقَةٌ فِي حَالَةِ الْوَصْلِ.

وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْوَقْفِ، فَعَنْ حَمْزَةَ نَقْلُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى الزَّايِ، فَتَكُونُ الزَّايُ مَفْتُوحَةً بَعْدَهَا أَلْفٌ، وَعَنْهُ إِبْدَالُهَا وَاوًا مُحَرَّكَةً بِحَرَكَةِ الْهَمْزَةِ.

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ أَيْ لِأَنَّ عَذَابَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَهْزِءُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا إِهَانَتُهُمْ وَخِزْيُهُمْ وَشِدَّةُ إِيلَامِهِمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ.

وَلَيْسَ فِيهِ تَطْهِيرٌ وَلَا تَمْحِيصٌ لَهُمْ، بِخِلَافِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ عُذِّبُوا فَسَيَصِيرُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَذَابِ.

فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِعَذَابِهِمْ مُجَرَّدَ الْإِهَانَةِ، بَلْ لِيَئُولُوا بَعْدَهُ إِلَى الرَّحْمَةِ وَدَارِ الْكَرَامَةِ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ قَدْ قَدَّمَنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ مَعَ الشَّوَاهِدِ الْعَرَبِيَّةِ فِي سُورَةِ «إِبْرَاهِيمَ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ. الْآيَةَ [١٤ \ ١٥ - ١٦] . وَبَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ (وَرَاءَ) بِمَعْنَى أَمَامَ.

فَمَعْنَى مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ أَيْ أَمَامَهُ جَهَنَّمُ يَصْلَاهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:

<<  <  ج: ص:  >  >>