للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُؤْمَرُ بِإِدْخَالِهِمْ أَشَدَّ الْعَذَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [٤٠ \ ٤٦] .

وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ يُعَذِّبُ مَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ

[٥ \ ١١٥] ، فَهَذِهِ الْآيَاتُ تُبَيِّنُ أَنَّ أَشَدَّ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا الْمُنَافِقُونَ وَآلُ فِرْعَوْنَ وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالدَّرْكُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا، لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ وَقِرَاءَتَانِ سَبْعِيَّتَانِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ الْآيَةَ، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا سَبَبَ عَفْوِهِ عَنْهُمْ ذَنْبَ اتِّخَاذِ الْعِجْلِ إِلَهًا، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» بِقَوْلِهِ: فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [٢ \ ٥٤] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ الْآيَةَ، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَلِ امْتَثَلُوا هَذَا الْأَمْرَ، فَتَرَكُوا الْعُدْوَانَ فِي السَّبْتِ أَوْ لَا، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَثِلُوا وَأَنَّهُمُ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ الْآيَةَ [٢ \ ٦٥] ، وَقَوْلِهِ: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ الْآيَةَ [٧ \ ١٦٣] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذَا الْبُهْتَانَ الْعَظِيمَ الَّذِي قَالُوهُ عَلَى الصِّدِّيقَةِ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ، وَلَكِنَّهُ أَشَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِلَى أَنَّهُ رَمْيُهُمْ لَهَا بِالْفَاحِشَةِ، وَأَنَّهَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ فِي زَعْمِهِمُ الْبَاطِلِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا [١٩ \ ٢٧] ، يَعْنُونَ ارْتِكَابَ الْفَاحِشَةِ، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [١٩ \ ٢٨] ، أَيْ: زَانِيَةً، فَكَيْفَ تَفْجُرِينَ وَوَالِدَاكِ لَيْسَا كَذَلِكَ، وَفِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ رَمَوْهَا بِيُوسُفَ النَّجَّارِ وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَالْبُهْتَانُ أَشَدُّ الْكَذِبِ الَّذِي يُتَعَجَّبُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الْآيَةَ، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا هَذِهِ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهَا فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>