للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [٧ \ ٢٠٣] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْأَنْعَامِ» : قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [٦ \ ١٠٤] .

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ «الْجَاثِيَةِ» مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ بَصَائِرُ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ، ذَكَرَ - تَعَالَى - مِثْلَهُ فِي سُورَةِ «الْقَصَصِ» عَنْ كِتَابِ مُوسَى الَّذِي هُوَ التَّوْرَاةُ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [٢٨ \ ٤٣] .

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ «الْجَاثِيَةِ» هَذِهِ مِنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ هُدًى وَرَحْمَةً - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

أَمَّا كَوْنُهُ هُدًى فَقَدْ ذَكَرْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ قَرِيبًا.

وَأَمَّا كَوْنُهُ رَحْمَةً فَقَدْ ذَكَرْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي «الْكَهْفِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا [١٨ \ ١] . وَفِي أَوَّلِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [١٨ \ ١] . وَفِي «فَاطِرٍ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا [٣٥ \ ٢] . وَفِي «الزُّخْرُفِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ الْآيَةَ [٤٣ \ ٣٢] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ أَيْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ.

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ سُؤَالٌ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: هَذَا اسْمُ إِشَارَةٍ إِلَى مُذَكَّرٍ مُفْرَدٍ، وَالْخَبَرُ الَّذِي هُوَ بَصَائِرُ جَمْعٌ مُكَسَّرٌ مُؤَنَّثٌ.

فَيُقَالُ: كَيْفَ يُسْنَدُ الْجَمْعُ الْمُؤَنَّثُ الْمُكَسَّرُ إِلَى الْمُفْرَدِ الْمُذَكَّرِ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَجْمُوعَ الْقُرْآنِ كِتَابٍ وَاحِدٍ، تَصِحُّ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِهَذَا، وَهَذَا الْكِتَابُ الْوَاحِدُ يَشْتَمِلُ عَلَى بَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، فَصَحَّ إِسْنَادُ الْبَصَائِرِ إِلَيْهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

قَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ (ص) فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -:

<<  <  ج: ص:  >  >>