للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِهَذَا قَالَ - تَعَالَى - قَرِيبًا مِنْهُ: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [١٦ \ ٢٠] . وَقَالَ - تَعَالَى - فِي «الْأَعْرَافِ» : أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [٧ \ ١٩١] . وَقَالَ - تَعَالَى - فِي «الْحَجِّ» : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ [٢٢ \ ٧٣] أَيْ وَمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا بِحَالٍ، وَقَالَ - تَعَالَى -: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى الْآيَةَ [٨٧ \ ١ - ٢] .

وَلَمَّا بَيَّنَ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْفُرْقَانِ» صِفَاتِ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ - قَالَ فِي صِفَاتِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [٢٥ \ ٢] .

وَقَالَ فِي صِفَاتِ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْبَدَ: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ الْآيَةَ [٢٥ \ ٣] .

وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَكُلُّ تِلْكَ الْآيَاتِ تَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّهُ - تَعَالَى - مَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا خَلْقًا مُتَلَبِّسًا بِالْحَقِّ.

وَقَدْ بَيَّنَ - جَلَّ وَعَلَا - أَنَّ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، خَلْقًا مُتَلَبِّسًا بِهِ - تَعْلِيمَهُ خَلْقَهُ أَنَّهُ - تَعَالَى - عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [٦٥ \ ١٢] .

فَلَامُ التَّعْلِيلِ فِي قَوْلِهِ: لِتَعْلَمُوا، مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ الْآيَةَ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ مَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، وَجَعَلَ الْأَمْرَ يَتَنَزَّلُ بَيْنَهُنَّ - إِلَّا خَلْقًا مُتَلَبِّسًا بِالْحَقِّ.

وَمِنَ الْحَقِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا خَلْقًا مُتَلَبِّسًا بِهِ، هُوَ تَكْلِيفُ الْخَلْقِ وَابْتِلَاؤُهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، ثُمَّ جَزَاؤُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>