للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُولُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ أَيْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ لِئَلَّا تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ، أَوْ يَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ كَرَاهَةَ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ، وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَيْ: لَا تَعْلَمُونَ بِذَلِكَ.

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ لُزُومِ تَوْقِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَعْظِيمِهِ وَاحْتِرَامِهِ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [٤٨ \ ٩] ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا [٢٤ \ ٦٣] ، كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ [٧ \ ١٥٧] ، وَقَوْلُهُ هُنَا: وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ أَيْ لَا تُنَادُوهُ بِاسْمِهِ: كَـ: يَا مُحَمَّدُ.

وَقَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُخَاطِبُهُ فِي كِتَابِهِ بِاسْمِهِ، وَإِنَّمَا يُخَاطِبُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ وَالتَّوْقِيرِ، كَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [٩ \ ٧٣] ، يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ [٥ \ ٤١] ، يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [٧٣ \ ١] ، يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [٧٤ \ ١] ، مَعَ أَنَّهُ يُنَادِي غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِأَسْمَائِهِمْ كَقَوْلِهِ: وَقُلْنَا يَاآدَمُ [٢ \ ٣٥] ، وَقَوْلِهِ: وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ [٣٧ \ ١٠٤] ، وَقَوْلِهِ: قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ [١١ \ ٤٦] ، قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا [١١ \ ٤٨] ، وَقَوْلِهِ: قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ [٧ \ ١٤٤] ، وَقَوْلِهِ: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ [٣ \ ٥٥] ، وَقَوْلِهِ: يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً [٣٨ \ ٢٩] .

أَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُذْكَرِ اسْمُهُ فِي الْقُرْآنِ فِي خِطَابٍ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [٣ \ ١٤٤] ، وَقَوْلِهِ: وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ [٤٧ \ ٢] ، وَقَوْلِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [٤٨ \ ٢٩] .

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ تَوْقِيرَهُ وَاحْتِرَامَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَضِّ الصَّوْتِ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى، أَيْ أَخْلَصَهَا لَهَا وَأَنَّ لَهُمْ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ الْمَغْفِرَةَ وَالْأَجْرَ الْعَظِيمَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [٤٩ \ ٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>