للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ أَوْضَحْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الصَّافَّاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ [٣٧ \ ٥] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ.

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا [٢٥ \ ٥٣] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ.

قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو: «يُخْرَجُ» بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَعَلَيْهِ فَاللُّؤْلُؤُ نَائِبُ فَاعِلِ «يُخْرَجُ» وَقَرَأَهُ بَاقِي السَّبْعَةِ: يَخْرُجُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَعَلَيْهِ فَاللُّؤْلُؤُ فَاعِلُ «يَخْرُجُ» .

اعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ مَجْمُوعِهَا الصَّادِقِ بِالْبَحْرِ الْمِلْحِ، وَإِنَّ الْآيَةَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَجْمُوعِ وَإِرَادَةِ بَعْضِهِ، وَإِنَّ اللُّؤْلُؤَ وَالْمَرْجَانَ لَا يَخْرُجَانِ مِنَ الْبَحْرِ الْمِلْحِ وَحْدَهُ دُونَ الْعَذْبِ.

وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالُوهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَجَلَالَتِهِمْ لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ صَرَّحَ بِنَقِيضِهِ فِي سُورَةَ فَاطِرٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ مَا نَاقَضَ الْقُرْآنَ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا [٣٥ \ ١٢] ، فَالتَّنْوِينُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ كُلِّ تَنْوِينُ عِوَضٍ أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَذْبِ وَالْمِلْحِ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا، وَهِيَ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ، وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ.

وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ الآية [٦ \ ١٣٠] ، وَاللُّؤْلُؤُ الدُّرُّ، وَالْمَرْجَانُ الْخَرَزُ الْأَحْمَرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَرْجَانُ صِغَارُ الدُّرِّ وَاللُّؤْلُؤُ كِبَارُهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>