للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٣٥ \ ٣] .

وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْخَلْقِ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ الْقُدْرَةَ عَلَى الرِّزْقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [١٠ \ ٣١] .

وَكَقَوْلِهِ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [٣٠ \ ٤٠] .

وَهَذَا مِنْ كَمَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَالرِّزْقِ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الْأُمُورِ سُبْحَانَهُ، وَتَدْبِيرُ شُئُونِ الْخَلْقِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [٤٢ \ ١٢] ، أَيْ: يَبْسُطُ وَيَقْدِرُ، يَعْلَمُ لَا عَنْ نَقْصٍ وَلَا حَاجَةٍ، وَلَكِنْ يَعْلَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ، اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [٤٢ \ ١٩] أَيْ: يُعَامِلُهُمْ بِلُطْفِهِ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى أَنْ يَرْزُقَ الْجَمِيعَ رِزْقًا وَاسِعًا، وَهُوَ الْعَزِيزُ فِي مُلْكِهِ، فَهُوَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [٣٩ \ ٥٢] أَيْ: بِمُقْتَضَى اللُّطْفِ وَالْعِلْمِ: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [١١ \ ٦] .

وَمِنْ هَذَا كُلِّهِ يُرَدُّ عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ الرِّزْقَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ [١٦ \ ٧٣] .

وَقَدْ جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ تَوْبِيخَهُمْ وَتَوْجِيهَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [٢٩ \ ١٧] .

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى قَضِيَّةَ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْعِبَادَةِ كُلَّهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [٥١ \ ٥٦ - ٥٨] .

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ يَرْزُقُ الْعِبَادَ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جُمْلَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>