للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ فِي (مَا) : إِنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ ; بِمَعْنَى أَيُّ شَيْءٍ أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، وَالْجَوَابُ: لَا شَيْءَ، وَقِيلَ: نَافِيَةٌ، أَيْ: لَمْ يُغْنِ عَنِّي مَالِيَهْ شَيْئًا فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ [٢٦ \ ٨٨] .

وَقَوْلُهُ: مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ [١١١ \ ٢] .

وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي سُورَةِ (الْكَهْفِ) عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي [١٨ \ ٣٦] .

وَفِي سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا الْآيَةَ [٤٣ \ ٣٦] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلَكَ عَنَّي سُلْطَانِيَهْ

أَيْ: لَا سُلْطَانَ وَلَا جَاهَ وَلَا سُلْطَةَ لِأَحَدٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [١٨ \ ٤٨] : حُفَاةً عُرَاةً.

وَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ [٦ \ ٩٤] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ

فِيهِ عَطْفُ عَدَمِ الْحَضِّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، مِمَّا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ عَلَى الْفُرُوعِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - مَبْحَثُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ (فُصِّلَتْ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [٤١ \ ٦ - ٧] ، وَكُنْتُ سَمِعْتُ مِنْهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - قَوْلَهُ: كَمَا أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَالْمُؤْمِنُ يُثَابُ عَلَى إِيمَانِهِ وَعَلَى طَاعَتِهِ، فَكَذَلِكَ الْكُفْرُ يَزْدَادُ بِالْمَعَاصِي. وَيُجَازَى الْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ وَعَلَى عِصْيَانِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ [١٦ \ ٨٨] .

فَعَذَابٌ عَلَى الْكُفْرِ وَعَذَابٌ عَلَى الْإِفْسَادِ، وَمِمَّا يَدُلُّ لِزِيَادَةِ الْكُفْرِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>