للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَعَلَّ أَقْرَبَ الْأَقْوَالِ الْمَنْقُولَةِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ بِمَعْنَى: نُكِّسَتْ. أَيْ: رُدَّتْ إِلَى حَيْثُ أَتَتْ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَعَلَيْهِ فَتَجْتَمِعُ مَعَ الْقَمَرِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ

قِيلَ: «انْكَدَرَتْ» انْصَبَّتْ، وَقِيلَ: تَغَيَّرَتْ مِنَ الْكُدْرَةِ، وَكُلُّهَا مُتَلَازِمَةٌ وَلَا تَعَارُضَ.

وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ [٨٢ \ ٢] .

وَيَشْهَدُ لِلثانِي: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ [٧٧ \ ٨] ; لِأَنَّهَا إِذَا تَنَاثَرَتْ وَذَهَبَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا وَتَغَيَّرَ نِظَامُهَا، فَقَدْ ذَهَبَ نُورُهَا وَطُمِسَتْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ

أَيْ: ذَهَبَ بِهَا مِنْ مَكَانِهَا.

وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ حَالَةِ الْجِبَالِ فِي نِهَايَةِ الدُّنْيَا فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ. مِنْ أَهَمِّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ «طه» : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا [٢٠ \ ١٠٥] ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ «الْكَهْفِ» : وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً [١٨ \ ٤٧] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ الْوَأْدُ: الثِّقْلُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا [٢ \ ٢٥٥] .

وَالْمَوْءُودَةُ: الْمُثْقَلَةُ بِالتُّرَابِ حَتَّى الْمَوْتِ، وَهِيَ الْجَارِيَةُ كَانَتْ تُدْفَنُ حَيَّةً، فَكَانُوا يَحْفِرُونَ لَهَا الْحُفْرَةَ وَيُلْقُونَهَا فِيهَا، ثُمَّ يُهِيلُونَ عَلَيْهَا التُّرَابَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهَا فَتُقْتَلَ بِسَبَبِهِ، بَلِ الْجُرْمُ عَلَى قَاتِلِهَا.

وَلَكِنْ لِعِظَمِ الْجُرْمِ يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ إِلَيْهَا تَبْكِيتًا لِوَائِدِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>