للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

سُورَةُ الْغَاشِيَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ

الْكَلَامُ فِي هَلْ هُنَا، كَالْكَلَامِ فِي هَلْ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْإِنْسَانِ» ، أَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى قَدْ؟

وَرَجَّحَ أَبُو السُّعُودِ وَغَيْرُهُ: أَنَّهَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ ; لِلَفْتِ النَّظَرِ، وَشِدَّةِ التَّعَجُّبِ، وَالتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ بِهِ» وَحَدِيثُ الْغَاشِيَةِ هُوَ خَبَرُهَا الَّذِي يَتَحَدَّثُ عَنْهَا.

وَالْغَاشِيَةُ قَالَ أَبُو حَيَّانَ: أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ: الدَّاهِيَةُ تَغْشَى النَّاسَ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَا هُنَا، فَقِيلَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ.

وَقِيلَ: النَّارُ. وَاسْتَدَلَّ كُلُّ قَائِلٍ بِنُصُوصٍ. فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ [٢٩ \ ٥٥] .

قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ بِهَذَا الِاسْمِ ; لِأَنَّ مَا أَحَاطَ بِالشَّيْءِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ فَهُوَ غَاشٌّ لَهُ، وَالْقِيَامَةُ كَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهَا تَرِدُ عَلَى الْخَلْقِ بَغْتَةً، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً [١٢ \ ١٠٧] .

وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَغْشَى النَّاسَ جَمِيعًا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تَغْشَى النَّاسَ بِالْأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>