للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: [الطَّوِيلُ]

وَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ ... رَحْلِهَا أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ

وَأَعْطَى إِذَا مَا طَالِبُ الْعُرْفِ جَاءَهُ ... وَأَمْضَى بِحَدِّ الْمَشْرَفِيِّ الْمُهَنَّدِ

وَقَالَ الْآخَرُ فِيهِ: [الطَّوِيلُ]

وَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ ... رَحْلِهَا أَشَدَّ عَلَى أَعْدَائِهِ مِنْ مُحَمَّدِ

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَلِينَ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ لِلِّينِ، وَأَلَّا يَشْتَدَّ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ لِلشِّدَّةِ، لِأَنَّ اللِّينَ فِي مَحَلِّ الشِّدَّةِ ضَعْفٌ، وَخَوَرٌ، وَالشِّدَّةَ فِي مَحَلِّ اللِّينِ حُمْقٌ، وَخَرَقٌ، وَقَدْ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الْمُتَنَبِّي: [الطَّوِيلُ]

إِذَا قِيلَ حِلْمٌ قُلْ فَلِلْحِلْمِ مَوْضِعٌ ... وَحِلْمُ الْفَتَى فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ جَهْلُ

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَوْ أَطَاعُوا اللَّهَ، وَأَقَامُوا كِتَابَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، لَيَسَّرَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَرْزَاقَ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ، وَأَخْرَجَ لَهُمْ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ.

وَبَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ خَاصًّا بِهِمْ، كَقَوْلِهِ عَنْ نُوحٍ وَقَوْمِهِ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [٧١ \ ١١] ، وَقَوْلِهِ عَنْ هُودٍ وَقَوْمِهِ: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ الْآيَةَ [١١ \ ٥٢] ، وَقَوْلِهِ عَنْ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَوْمِهِ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [١١ \ ٣] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً الْآيَةَ [١٦ \ ٩٧] . عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَقَوْلِهِ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [٧ \ ٩٦] ، وَقَوْلِهِ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [٦٥ \ ٢، ٣] ، وَقَوْلِهِ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [٢٠ \ ١٣٢] ، وَمَفْهُومُ الْآيَةِ أَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى، سَبَبٌ لِنَقِيضِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>