للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: الْهَمْزُ بِالْيَدِ، وَاللَّمْزُ بِاللِّسَانِ، وَالْغَمْزُ بِالْعَيْنِ، وَكُلُّهَا مَعَانٍ مُتَقَارِبَةٌ تَشْتَرِكُ فِي تَنَقُّصِ الْآخَرِينَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ

. هَذَا الْوَصْفُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ عِلَّةٌ فِيمَا قَبْلَهُ، إِذِ الْمَوْصُولُ هُنَا يَدُلُّ مِنْ كُلٍّ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَيْسَ الْعَيْبُ فِي جَمَعَ مَالًا بَلْ فِي «عَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ» . وَفِي «عَدَّدَهُ» عِدَّةُ مَعَانٍ:

قِيلَ: عَدَّهُ كُلَّ وَقْتٍ وَآخَرَ، تَحَفُّظًا عَلَيْهِ.

وَقِيلَ: عَدَّدَهُ كَنَزَهُ.

وَقِيلَ: عَدَّدَهُ أَعَدَّهُ لِلْحَاجَةِ.

وَقُرِئَ: «جَمَّعَ وَعَدَّدَ» بِالتَّشْدِيدِ وَبِالتَّخْفِيفِ. وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ فِيهِ شُحًّا وَبُخْلًا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ

. هَذَا الْحُسْبَانُ هُوَ الْمَذْمُومُ عَلَيْهِ، وَالْمُنْصَبُّ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ ; لِأَنَّهُ كَفَرَ بِالْبَعْثِ. كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْجَنَّةِ فِي الْكَهْفِ: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً [١٨ \ ٣٥ - ٣٦] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ. كَلَّا: رَدْعٌ وَزَجْرٌ لَهُ عَلَى حُسْبَانِهِ الْبَاطِلِ، وَلَيُنْبَذَنَّ فِي جَوَابِ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: كَلَّا.

وَهَذَا يُفَسِّرُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ [١٠١ \ ٩] ، أَيْ: يُنْبَذُ نَبْذًا، فَيَهْوِي عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ. عِيَاذًا بِاللَّهِ.

وَالْحُطَمَةُ: فُعَلَةٌ مِنَ الْحَطْمِ، وَهُوَ الْكَسْرُ، ثُمَّ الْأَكْلُ الْكَثِيرُ.

وَقَدْ فُسِّرَتْ بِمَا بَعْدَهَا نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ [١٠٤ \ ٦] ، وَسُمِّيَتْ حُطَمَةً لِأَنَّهَا تُحَطِّمُ كُلَّ مَا أُلْقِيَ فِيهَا، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>