للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى شَرْطِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَتَاعِ الْحَسَنِ: سَعَةُ الرِّزْقِ، وَرَغَدُ الْعَيْشِ، وَالْعَافِيَةُ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجَلِ الْمُسَمَّى: الْمَوْتُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ عَنْ نَبِيِّهِ هُودٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ [١١ \ ٥٢] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ «نُوحٍ» : فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [٧١ \ ١٠ - ١٢] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً الْآيَةَ [١٦ \ ٩٧] ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [٧ \ ٩٦] ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [٥ \ ٦٦] ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [٦٥ \ ٢، ٣] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.

يُبَيِّنُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَأَنَّ السِّرَّ كَالْعَلَانِيَةِ عِنْدَهُ، فَهُوَ عَالِمٌ بِمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ الضَّمَائِرُ وَمَا يُعْلَنُ وَمَا يُسَرُّ، وَالْآيَاتُ الْمُبَيِّنَةُ لِهَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا، كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [٥٠ \ ١٦] ، وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَقَوْلِهِ: فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ [٧ \ ٧] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ الْآيَةَ [١٠ \ ٦١] ، وَلَا تَقْلِبُ وَرَقَةً مِنَ الْمُصْحَفِ الْكَرِيمِ إِلَّا وَجَدْتَ فِيهَا آيَةً بِهَذَا الْمَعْنَى.

تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ

اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَاعِظًا أَكْبَرَ، وَلَا زَاجِرًا أَعْظَمَ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ وَأَمْثَالُهَا فِي الْقُرْآنِ، مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَعْمَلُهُ خَلْقُهُ، رَقِيبٌ عَلَيْهِمْ، لَيْسَ بِغَائِبٍ عَمَّا يَفْعَلُونَ، وَضَرَبَ الْعُلَمَاءُ لِهَذَا الْوَاعِظِ الْأَكْبَرِ، وَالزَّاجِرِ الْأَعْظَمِ مَثَلًا لِيَصِيرَ بِهِ كَالْمَحْسُوسِ، فَقَالُوا: لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ مَلِكًا قَتَّالًا لِلرِّجَالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>