للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢-زيارة بدعية: وهي ما صاحبها الاعتكاف عند القبر أو شد الرحال أو الصلاة أو التوسل بأهلها.

قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) (١) ، وقال: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) (٢) .

وأما حديث الأعمى الذي فيه أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي. قَالَ: (إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) قَالَ: فَادْعُهُ. قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إني توجهت بك على رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِي، اللَّهُمَّ فشفعه فيّ) ، وفي رواية: (وشفعني فيه) فهذا الحديث ضعفه كثير من العلماء، وإن جزمنا بصحته (٣) فليس فيه أن توسل بغائب أو ميت وإنما توسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حاضر حيث طلب منه الدعاء وأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك، وتوسل هو بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا هو بنفسه، فاجتمع الدعاء من الجهتين، وهذا مشروع كان يفعله الصحابة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفعلوه من بعده حين توسلوا بدعاء العباس رضي الله عنه في الاستسقاء، ولو كان معلوماً لديهم جواز التوسل بالأشخاص أنفسهم لما عدلوا عن التوسل به - صلى الله عليه وسلم - إلى العباس رضي الله عنه، وإنما توسلهم كان بالدعاء كما في قولهم: (اللهم إنا كنا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بعم نبينا فاسقنا) ، كما هو مذكور في صحيح البخاري.


(١) رواه البخاري في الصلح، باب إذا اصطلحوا على جور فالصلح مردود، انظر الفتح ج٥ ص:٣٥٥، ورواه مسلم في الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور. انظر شرح النووي ج١٢ ص:١٦.
(٢) صحيح. انظر صحيح سنن ابن ماجه ٤٢، صحيح سنن الترمذي ٢١٥٧، صحيح الجامع الصغير ٢٥٤٦.
(٣) انظر تصحيح الألباني له ورده على من توهم منه جواز التوسل بذوات الأشخاص في (التوسل، أنواعه وأحكامه ص٧٥-٨٣) .

<<  <   >  >>