للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قتادة رحمه الله: إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ، جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَجَعَلَهَا يُهْتَدَى بِهَا، وَجَعَلَهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، فَمَنْ تَعَاطَى فِيهَا غَيْرَ ذلك فقد قال برأيه وأخطأ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ به.

[٩-الكهانة، تعريفها وحكمها]

أ-الْكَاهِنُ: فِي الْأَصْلِ هُوَ مَنْ يَأْتِيهِ الرِّئِيُّ من الشياطين المسترقة للسمع، تتنزل عليهم كما قال تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تنزل على كل أفاك أثيم ... } (١) فهذا أصل الكاهن، ويستوي معه في الحكم كل من يدعي علم المغيبات، كَالرَّمَّالِ الَّذِي يَخُطُّ بِالْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْمُنَجِّمِ الذي ذكرناه، والطارق بالحصى، وغير ذلك.

[ب-الفرق بين قدرة الشياطين على استراق السمع قبل البعثة وبعدها]

كانت الشياطين قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم - لا تحجب عن التسمُّع لما يدور في الملأ الأعلى، أما بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم - فكانوا يرجمون بالشهب إذا حاولوا الاستماع، كما ذكره الله عز وجل عنهم في سورة الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وشهباً*وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً} (٢) .

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَأَلَ نَاسٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ: (إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ) . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ حَقًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تلك الكلمة من الحق يخطفها الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلَيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجِ، فيخلطون معها أكثر من مائة كذبة) .


(١) الشعراء: ٢٢١-٢٢٢.
(٢) الجن: ٨-١٠.

<<  <   >  >>