للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ فُضَيْلٌ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ الضَّبِّيَّ يَقُولُ: مَنْ شَكَّ فِي دِينِهِ فَهُوَ كافر وأنا مؤمن إنشاء الله. قال الفضيل: الاستثناء ليس بشك (١) .

[٣-فاسق أهل القبلة مؤمن ناقص الإيمان]

أي أَنَّ فَاسِقَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا يُنْفَى عَنْهُ مُطْلَقُ الْإِيمَانِ بِفُسُوقِهِ وَلَا يُوصَفُ بِالْإِيمَانِ التَّامِّ ولكن هو مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ فَلَا يُعْطَى الِاسْمُ الْمُطْلَقُ وَلَا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الِاسْمِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِسْقِ هُنَا هُوَ الْأَصْغَرُ وَهُوَ عَمَلُ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ الَّتِي سَمَّاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِسْقًا وَكُفْرًا وَظُلْمًا مَعَ إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى عَامِلِهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْكَاذِبَ فَاسِقًا فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بنبأ فتبينوا} (٢) ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ مِنَ الدِّينِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَنْفِ عَنْهُ الْإِيمَانَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وقتاله كفر) (٣) ، وقد تسبب كثير من الصحابة في عهده وفي حضوره فوعظهم


(١) وتحقيق هذه المسألة - والله أعلم - أن الإيمان نوعان، الإيمان المطلق الكامل الشامل للدين كله، ومطلق الإيمان الذي يخرج من العبد من الكفر وذلك بأن المؤمن بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خيره وشره، فالأول يجب فيه الاستثناء وإلا لوقع في الشك وكفر لأنه حينئذ بمنزلة من يستثني أو يشك في قوله: (آمنت بالله) وعلى هذا لا يجوز أن يقول أنا مؤمن قاصداً الإيمان المطلق مع الاستثناء. ويجوز قول (أنا مؤمن) مع قصد مطلق الإيمان، ولا يجوز هنا الاستثناء، والأفضل من هذا كله والمخرج منه أن يقول العبد آمنت بالله أو أنا مؤمن بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ= =وَالْقَدَرِ خيره وشره. والله تعالى أعلم. وانظر: الفتاوى ٧/٢٥٣-٢٥٩ والإيمان لأبي عبيد ص٦٧-٧١. ضمن أربع رسائل بتحقيق الألباني.
(٢) الحجرات: ٦.
(٣) رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع منها في الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، ورواه مسلم في الإيمان، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) . انظر الفتح ج١ ص١٣٥، شرح النووي ج٢ ص٥٣-٥٤.

<<  <   >  >>