للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو بكر ثم تكلم أبلغَ (١)

النَّاسِ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وأنتم الوزارء. فقال حباب بن المنذر: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ (٢) ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وَلَكِنْ نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمِ الْوُزَرَاءُ، إِنَّ قُرَيْشًا هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَابِ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ. فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فأخذ عمر بيده وبايعه الناس.

وفي رواية قالت: فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللَّهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمُ الْنِفَاقَ، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمُ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ - إلى - الشاكرين} (٣) .

[ب- فضله]

قال تعالى: {ثاني اثنين إذ هما في الغار} (٤) . ومما يدل على أنه رضي الله عنه أفضل الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم - وأحب رجالها إليه الحديثان التاليان.


(١) بنصب أبلغ على الحال، ويجوز الرفع على الفاعلية أي تكلم رجل هذه صفته. وقال السهيلي: النصب أوجه ليكون تأكيداً لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفاً بذلك غيره. الفتح ج٧ ص٣٧..
(٢) قال ابن التين: وإنما قالت الأنصار: ٠منا أمير ومنكم أمير) على منا عرفوه من عادة العرب أنلا يتأمر على القبيلة إلا من يكون منها، فلما سمعوا حديث: (الأئمة من قريش) رجعوا عن ذلك وأذعنوا. انظر الفتح ج٧ ص٣٩، وحديث الأئمة من قريش - وهو في صحيح الجامع ٢٧٥٤ - أخرجه النسائي والطبراني وأبو يعلى والبخاري في التاريخ وأورد في الصحيح ما يؤدي معناه في الجملة في كتاب الأحكام، باب الأمراء من قريش كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار ما أقاموا الدين) وانظر الفتح ج١٣ ص١٢٢، ١٢٣.
(٣) آل عمران: ١٤٤.
(٤) التوبة: ٤٠.

<<  <   >  >>