للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أموراً لا يقدر عليها إلا الله فعبادتهم أو دعاؤهم لهم شرك في العبادة وكونهم يسألونهم أموراً لا يسألها إلا من له القدرة المطلقة وعلم الغيب والسمع الذي وسع الأصوات كلها شرك في الربوبية.

ولما كان الشرك في العبادة ينظوي على الشرك في الربوبية ولابد كان الاتجاه بالعبادة لا ينبغي إلا لله وكان حقاً له تعالى على عباده، لذلك ورد في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ لِي: (يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ من لا يشرك به شيئاً ... ) .

[٤-مكانة توحيد الألوهية وعلاقته بشهادة أن لا إله إلا الله وبيان معنى هذه الكلمة]

تظهر المكانة الرفيعة والمنزلة العالية لتوحيد الألوهية أو توحيد العبادة في الأمور التالية:

١-أن الدعوة إلى إفراد الله بالعبادة هي أصل دعوة الرسل جميعهم، فتوحيد الألوهية هو الذي أرسل الله به رسله جميعهم مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ يَدْعُونَ إِلَيْهِ أَوَّلًا قَبْلَ كُلِّ أَمْرٍ فَلَمْ يَدْعُوا إِلَى شَيْءٍ قَبْلَهُ، فَهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ شَرَائِعُهُمْ فِي تَحْدِيدِ بَعْضِ الْعِبَادَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ إِفْرَادُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِتِلْكَ الْعِبَادَاتِ افْتَرَقَتْ أَوِ اتَّفَقَتْ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ فِيهَا غَيْرُهُ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْلَادُ عَلاّت (١) ، دِينُنَا واحد) (٢) .


(١) أولاد العلات: الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد، أراد أن إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، وفي الفتح ٦/٥٦٤.: وقيل المراد أن أزمنتهم مختلفة.
(٢) رواه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد بنحوه، انظر فتح الباري ٦/٥٥٠، مسلم بشرح النووي ١٥/١١٩، عون المعبود ١٢/٤٣٢، والفتح الرباني: ٢٠/١٣٤.

<<  <   >  >>