للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِلَّا خَائِفِينَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَدْخُلُوهَا. (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَلَيْسَتْ حَالًا مِثْلَ خَائِفِينَ ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمُ الْخِزْيَ ثَابِتٌ فِي كُلِّ حَالٍ ; لَا فِي حَالِ دُخُولِهِمُ الْمَسَاجِدَ خَاصَّةً.

قَالَ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) : هُمَا مَوْضِعُ الشُّرُوقِ وَالْغُرُوبِ.

(فَأَيْنَمَا) : شَرْطِيَّةٌ، وَ (تُوَلُّوا) : مَجْزُومٌ بِهِ، وَهُوَ النَّاصِبُ لِأَيْنَ، وَالْجَوَابُ (فَثَمَّ) . وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: تَوَلَّوْا بِفَتْحِ التَّاءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مُسْتَقْبَلٌ أَيْضًا، وَتَقْدِيرُهُ تَتَوَلَّوْا فَحَذَفَ التَّاءَ الثَّانِيَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَاضِي، وَالضَّمِيرُ لِلْغَائِبِينَ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْنَمَا يَتَوَلَّوْنَ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا قَدْ وَقَعَ، وَلَا يَكُونُ أَيْنَ شَرْطًا فِي اللَّفْظِ، بَلْ فِي

الْمَعْنَى، كَمَا تَقُولُ مَا صَنَعْتَ صَنَعْتُ، إِذَا أَرَدْتَ الْمَاضِيَ. وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ: أَيْنَ إِمَّا اسْتِفْهَامٌ، وَإِمَّا شَرْطٌ، وَلَيْسَ لَهَا مَعْنًى ثَالِثٌ. وَ (ثَمَّ) : اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْبَعِيدِ عَنْكَ، وَبُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْإِشَارَةِ.

وَقِيلَ: بُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْخِطَابِ ; لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي الْحَاضِرِ هُنَا، وَفِي الْغَائِبِ هُنَاكَ، وَثَمَّ نَابَ عَنْ هُنَاكَ.

قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ((١١٦)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) : يُقْرَأُ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) [الْبَقَرَةِ: ١١١] .

وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. (كُلٌّ لَهُ) : تَقْدِيرُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ أَنْ تُسْتَعْمَلَ مُضَافَةً، وَمِنْ هُنَا ذَهَبَ جُمْهُورُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى مَنْعِ دُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى كُلٍّ ; لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>