للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ) أَيْ مِنْ إِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ: مَكَّةُ، وَالطَّائِفُ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: عَلَى رَجُلٍ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ.

وَقِيلَ: كَانَ الرَّجُلُ مَنْ يَسْكُنُ مَكَّةَ وَالطَّائِفَ وَيَتَرَدَّدُ إِلَيْهِمَا؛ فَصَارَ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِمَا.

قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِبُيُوتِهِمْ) : هُوَ بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ؛ أَيْ لِبُيُوتِ مَنْ كَفَرَ.

وَالسَّقْفُ وَاحِدٌ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ؛ وَسُقُفًا - بِالضَّمِّ - جَمْعٌ، مِثْلُ رَهْنٍ وَرُهُنٍ.

قَالَ تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَاءَنَا) : عَلَى الْإِفْرَادِ رَدًّا عَلَى لَفْظِ مَنْ، وَعَلَى التَّثْنِيَةِ رَدًّا عَلَى الْقَرْيَتَيْنِ: الْكَافِرُ، وَشَيْطَانُهُ. وَ (الْمَشْرِقَيْنِ) : قِيلَ: أَرَادَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ، فَغَلَّبَ مِثْلَ الْقَمَرَيْنِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ) : فِي الْفَاعِلِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: «أَنَّكُمْ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ؛ أَيْ لَا يَنْفَعُكُمْ تَأَسِّيكُمْ فِي الْعَذَابِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ التَّمَنِّي الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) : أَيْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ تَمَنِّي التَّبَاعُدِ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ «أَنَّكُمْ» بِمَعْنَى لِأَنَّكُمْ.

فَأَمَّا (إِذْ) فَمُشْكِلُهُ الْأَمْرُ؛ لِأَنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ مَاضٍ، وَلَنْ يَنْفَعَكُمْ وَفَاعِلُهُ وَالْيَوْمُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ بِمَاضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>