للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «مَنْ» شَرْطًا، وَالْمَاضِي بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ.

وَقُرِئَ: «يَطَّوَّعُ» عَلَى لَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ، فَمَنْ عَلَى هَذَا شَرْطٌ لَا غَيْرَ ; لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهَا، وَأَدْغَمَ التَّاءَ فِي الطَّاءِ. وَ (خَيْرًا) : مَنْصُوبٌ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: بِخَيْرٍ، فَلَمَّا حَذَفَ الْحَرْفَ وَصَلَ الْفِعْلَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ تَطَوُّعًا خَيْرًا.

وَإِذَا جَعَلْتَ مَنْ شَرْطًا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ ضَمِيرٍ ; لِأَنَّ ضَمِيرَ مَنْ فِي يَطَّوَّعُ.

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الْبَيِّنَاتِ) : «مِنَ» يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ ; لِأَنَّهَا حَالٌ مِنْ «مَا» أَوْ مِنَ الْعَائِدِ

الْمَحْذُوفِ ; إِذِ الْأَصْلُ مَا أَنْزَلْنَاهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ (أَنْزَلْنَا) عَلَى أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ. (مِنْ بَعْدِ) : مِنْ يَتَعَلَّقُ بِـ (يَكْتُمُونَ) ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِـ (أَنْزَلْنَا) لِفَسَادِ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْإِنْزَالَ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ التَّبْيِينِ، إِنَّمَا الْكِتْمَانُ بَعْدَ التَّبْيِينِ.

(فِي الْكِتَابِ) : فِي مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (بَيَّنَّا) ، وَكَذَلِكَ اللَّامُ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ تَعَلُّقُ الْجَارَّيْنِ بِهِ ; لِاخْتِلَافِ مَعْنَاهُمَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «فِي» حَالًا ; أَيْ كَائِنًا فِي الْكِتَابِ. (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ إِنَّ. (وَيَلْعَنُهُمُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى «يَلْعَنُهُمْ» الْأُولَى، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.

قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا. . . . (١٦٠)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) : اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الضَّمِيرُ فِي يَلْعَنُهُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>