للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ يَرَى) : جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ; لِأَنَّ الْمَوْعُودَ وَالْمُتَوَّعَدَ إِذَا عَرَفَ قَدْرَ النِّعْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَقَفَ ذِهْنُهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ ; وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ ذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَى مَا هُوَ الْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَتَقْدِيرُ الْجَوَابِ: لَعَلِمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ، أَوْ لَعَلِمُوا أَنَّ الْأَنْدَادَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى يَرَى بِالْيَاءِ، وَيَرَى هُنَا مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ، فَيَفْتَقِرُ

إِلَى مَفْعُولَيْنِ ; وَ: «أَنَّ الْقُوَّةَ» سَادٌّ مَسَدَّهُمَا. وَقِيلَ الْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ، وَأَنَّ الْقُوَّةَ مَعْمُولُ جَوَابِ لَوْ ; أَيْ لَوْ عَلِمَ الْكُفَّارُ أَنْدَادَهُمْ لَا تَنْفَعُ لَعَلِمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ فِي النَّفْعِ وَالضُّرِّ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَرَى بِمَعْنَى عَلِمَ الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَوْ عَرَفَ الَّذِينَ ظَلَمُوا بُطْلَانَ عِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ أَوْ لَوْ عَرَفُوا مِقْدَارَ الْعَذَابِ لَعَلِمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ أَوْ لَوْ عَرَفُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ لَمَا عَبَدُوا الْأَصْنَامَ.

وَقِيلَ يَرَى هُنَا مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ أَيْ لَوْ شَاهَدُوا آثَارَ قُوَّةِ اللَّهِ فَتَكُونُ أَنَّ وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ مَفْعُولَ يَرَى، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُ يَرَى مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ: لَوْ شَاهَدُوا الْعَذَابَ لَعَلِمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ) .

وَيَرَوْنَ الْعَذَابَ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ ; لِأَنَّ الَّتِي بِمَعْنَى الْعِلْمِ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَإِذَا ذُكِرَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ ذِكْرُ الْآخَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِرْفَانِ ; أَيْ إِذْ يَعْرِفُونَ شِدَّةَ الْعَذَابِ، وَقَدْ حَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ جَوَابَ لَوْ يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ قَبْلَ: إِنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، وَأَنْ يُقَدَّرَ بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>