للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الْكِتَابِ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْعَائِدِ الْمَحْذُوفِ ; أَيْ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ كَائِنًا مِنَ الْكِتَابِ. وَ (إِلَّا النَّارَ) : مَفْعُولُ «يَأْكُلُونَ» . (فِي بُطُونِهِمْ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ النَّارِ تَقْدِيرُهُ مَا يَأْكُلُونَ إِلَّا النَّارَ ثَابِتَةً أَوْ كَائِنَةً فِي بُطُونِهِمْ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْحَالُ مُقَدَّرَةً ; لِأَنَّهَا وَقْتَ الْأَكْلِ لَيْسَتْ فِي بُطُونِهِمْ، وَإِنَّمَا يَئُولُ إِلَى ذَلِكَ، وَالْجَيِّدُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا لِيَأْكُلُونِ، وَفِيهِ تَقْدِيرُ حَذْفِ مُضَافٍ ; أَيْ فِي طَرِيقِ بُطُونِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْحَالِ عَلَى حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا وَفِي بُطُونِهِمْ حَالًا مِنْهُ أَوْ صِفَةً لَهُ ; أَيْ فِي بُطُونِهِمْ شَيْئًا، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْمَجَازِ وَلِلْإِعْرَابِ حُكْمُ اللَّفْظِ.

قَالَ تَعَالَى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَا أَصْبَرَهُمْ) : «مَا» فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَالْكَلَامُ تَعَجُبٌ عَجَّبَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَصْبَرَ فِعْلٌ فِيهِ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ، وَهُوَ الْعَائِدُ عَلَى مَا.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامًا هُنَا، وَحُكْمُهَا فِي الْإِعْرَابِ كَحُكْمِهَا إِذَا كَانَتْ تَعَجُّبًا، وَهِيَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَوْصُوفَةٍ تَامَّةٌ بِنَفْسِهَا.

وَقِيلَ هِيَ نَفْيٌ أَيْ فَمَا أَصْبَرَهُمُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ.

قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ. . . . . . (١٧٦)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذَلِكَ) : مُبْتَدَأٌ، وَ «بِأَنَّ اللَّهَ» الْخَبَرُ ; وَالتَّقْدِيرُ: ذَلِكَ الْعَذَابُ مُسْتَحَقٌّ بِمَا نَزَّلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ عُقُوبَةِ الْكَافِرِ فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>