للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاذَا " ; لِأَنَّ " مَا " أَشَدُّ إِبْهَامًا مِنْ " مَنْ " إِذَا كَانَتْ مَنْ لِمَنْ يَعْقِلُ، وَمِثْلُهُ: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] وَالْقَرْضُ: اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ، وَالْمَصْدَرُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْإِقْرَاضُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَرْضُ هُنَا بِمَعْنَى الْمُقْرِضِ، كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ، فَيَكُونُ مَفْعُولًا بِهِ. وَ (حَسَنًا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ مَالًا إِقْرَاضًا حَسَنًا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْمَالِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الطَّيِّبِ أَوِ الْكَثِيرِ.

(فَيُضَاعِفَهُ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى يُقْرِضُ، أَوْ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ; أَيْ فَاللَّهُ يُضَاعِفُهُ.

وَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَصْدَرِ يُقْرِضُ فِي الْمَعْنَى، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِلَّا بِإِضْمَارِ أَنْ ; لِيَصِيرَ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى مَصْدَرٍ تَقْدِيرُهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ قَرْضٌ فَمُضَاعَفَةٌ مِنَ اللَّهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ فِي اللَّفْظِ فَهُوَ عَنِ الْإِقْرَاضِ فِي الْمَعْنَى، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَيُقْرِضُ اللَّهَ أَحَدٌ فَيُضَاعِفُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابَ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى اللَّفْظِ ; لِأَنَّ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ فِي اللَّفْظِ الْمُقْرِضِ لَا الْقَرْضِ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يُعْطَفُ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ قَرْضًا كَمَا يُعْطَفُ الْفِعْلُ عَلَى الْمَصْدَرِ بِإِضْمَارِ أَنْ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرُّ عَيْنِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>