للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) السَّمْعُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ سَمِعَ، وَفِي تَقْدِيرِهِ هُنَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اسْتُعْمِلَ مَصْدَرًا عَلَى أَصْلِهِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: عَلَى مَوَاضِعِ سَمْعِهِمْ ; لِأَنَّ نَفْسَ السَّمْعِ لَا يُخْتَمُ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ السَّمْعَ هُنَا اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى السَّامِعَةِ، وَهِيَ الْأُذُنُ، كَمَا قَالُوا: الْغَيْبُ بِمَعْنَى الْغَائِبِ، وَالنَّجْمُ الْغَائِبُ وَالنَّجْمُ بِمَعْنَى النَّاجِمِ، وَاكْتَفَى بِالْوَاحِدِ هُنَا عَنِ الْجَمْعِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

بِهَا جِيَفُ الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا ... فَبِيضٌ وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ

يُرِيدُ جُلُودَهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ خَبَرُهُ، وَفِي الْجَارِّ عَلَى هَذَا ضَمِيرٌ.

وَعَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ غِشَاوَةٌ مَرْفُوعٌ بِالْجَارِّ، كَارْتِفَاعِ الْفَاعِلِ بِالْفِعْلِ، وَلَا ضَمِيرَ فِي الْجَارِّ عَلَى هَذَا لارْتِفَاع الظَّاهِرِيَّة، وَالْوَقْفُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى: (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) .

وَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: وَجَعَلَ عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةً ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ

يَنْتَصِبَ بِخَتَمَ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ. وَيَجُوزُ كَسْرُ الْغَيْنِ وَفَتْحُهَا وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخَرُ، غِشْوَةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ، وَضَمِّهَا، وَكَسْرِهَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَهُمْ عَذَابٌ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، أَوْ فَاعِلٌ عَمِلَ فِيهِ الْجَارُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَفِي: (عَظِيمٌ) ضَمِيرٌ يَرْجِعُ عَلَى الْعَذَابِ لِأَنَّهُ صِفَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>