للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَنْ تُغْنِيَ) : الْجُمْهُورُ عَلَى التَّاءِ لِتَأْنِيثِ الْفَاعِلِ، وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ ; لِأَنَّ تَأْنِيثَ الْفَاعِلِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَقَدْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا.

(مِنَ اللَّهِ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. وَالْمَعْنَى لَنْ تَدْفَعَ الْأَمْوَالُ عَنْهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَ (شَيْئًا) : عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ، تَقْدِيرُهُ: غِنًى.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مَفْعُولًا بِهِ عَلَى الْمَعْنَى ; لِأَنَّ مَعْنَى تُغْنِيَ عَنْهُمْ تَدْفَعُ، وَيَكُونُ مِنَ اللَّهِ صِفَةً لِشَيْءٍ فِي الْأَصْلِ قُدِّمَ فَصَارَ حَالًا ; وَالتَّقْدِيرُ: لَنْ تَدْفَعَ عَنْهُمُ الْأَمْوَالُ شَيْئًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ.

وَالْوَقُودُ بِالْفَتْحِ الْحَطَبُ، وَبِالضَّمِّ التَّوَقُّدُ، وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى.

قَالَ تَعَالَى: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَدَأْبِ) : الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ; وَفِي ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ أَقْوَالٌ.

أَحَدُهَا تَقْدِيرُهُ: كَفَرُوا كُفْرًا كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَلَيْسَ الْفِعْلُ الْمُقَدَّرُ هَاهُنَا هُوَ الَّذِي فِي صِلَةِ الَّذِينَ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدِ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِالْكَافِ ; لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الَّذِينَ خَبَرَهُ، وَلَكِنْ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ «كَفَرُوا» الَّتِي هِيَ صِلَةٌ.

وَالثَّانِي: تَقْدِيرُهُ: عُذِّبُوا عَذَابًا كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ أُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ.

وَالثَّالِثُ: تَقْدِيرُهُ: بَطُلَ انْتِفَاعُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ.

وَالرَّابِعُ: تَقْدِيرُهُ: كَذَّبُوا تَكْذِيبًا كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي كَذَّبُوا لَهُمْ، وَفِي ذَلِكَ تَخْوِيفٌ لَهُمْ لِعِلْمِهِمْ بِمَا حَلَّ بِآلِ فِرْعَوْنَ، وَفِي أَخْذِهِ لِآلِ فِرْعَوْنَ.

(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى آلِ فِرْعَوْنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>