للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا يَفْعَلُوا) : يُقْرَأُ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ، وَبِالْيَاءِ حَمْلًا عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ.

قَالَ تَعَالَى: (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَمَثَلِ رِيحٍ) : فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: كَمَثَلِ مُهْلَكِ رِيحٍ ; أَيْ مَا يُنْفِقُونَ هَالِكٌ كَالَّذِي تُهْلِكُهُ. (فِيهَا صِرٌّ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ صِفَةِ الرِّيحِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَرْفَعَ صِرًّا بِالظَّرْفِ ; لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى مَا قَبْلَهُ. وَ (أَصَابَتْ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ أَيْضًا صِفَةً لِرِيحٍ ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لَـ (صِرٌّ) ; لِأَنَّ الصِّرَّ مُذَكَّرٌ، وَالضَّمِيرُ فِي أَصَابَتْ مُؤَنَّثٌ. وَقِيلَ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ، بَلْ تَشْبِيهُ مَا أَنْفَقُوا بِمَعْنَى الْكَلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: (كَمَثَلِ رِيحٍ. . . .) إِلَى قَوْلِهِ: (فَأَهْلَكَتْهُ) مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَامْتَزَجَتِ الْمَعَانِي فِيهِ، وَفُهِمَ الْمَعْنَى. (ظَلَمُوا) : صِفَةٌ لِقَوْمٍ.

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ دُونِكُمْ) : صِفَةٌ لِبِطَانَةٍ. قِيلَ: مِنْ زَائِدَةٌ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى بِطَانَةً دُونَكُمْ فِي الْعَمَلِ وَالْإِيمَانِ. (لَا يَأْلُونَكُمْ) : فِي مَوْضِعِ نَعْتٍ لِبِطَانَةٍ، أَوْ حَالٍ مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ، وَيَأْلُوا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ. وَ (خَبَالًا) : عَلَى التَّمْيِيزِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتَصَبَ لِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، تَقْدِيرُهُ: لَا يَأْلُونَكُمْ فِي تَخْبِيلِكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ) . (

<<  <  ج: ص:  >  >>