للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، وَهُوَ مِنْ ضَرَّ يَضُرُّ، وَفِي رَفْعِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي نِيَّةِ التَّقْدِيمِ ; أَيْ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنْ تَتَّقُوا، وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَذْفُ الْفَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الضَّمَّةُ إِعْرَابٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لَيْسَتْ إِعْرَابًا ; بَلْ لَمَّا اضْطُرَّ إِلَى التَّحْرِيكِ حَرَّكَ بِالضَّمِّ إِتْبَاعًا لِضَمَّةِ الضَّادِ، وَقِيلَ: حَرَّكَهَا بِحَرَكَتِهَا الْإِعْرَابِيَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهَا فِي الْأَصْلِ، وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مَجْزُومٌ حُرِّكَ بِالْفَتْحِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، إِذْ كَانَ أَخَفَّ مِنَ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ. (شَيْئًا) : مَصْدَرٌ ; أَيْ ضَرَرًا.

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ غَدَوْتَ) : أَيْ وَاذْكُرْ. (مِنْ أَهْلِكَ) : مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ; وَالتَّقْدِيرُ: مِنْ بَيْنِ أَهْلِكَ، وَمَوْضِعُهُ نَصْبٌ تَقْدِيرُهُ: فَارَقْتَ أَهْلَكَ. وَ (تُبَوِّئُ) : حَالٌ، وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ بِنَفْسِهِ، وَإِلَى آخَرَ تَارَةً بِنَفْسِهِ، وَتَارَةً بِحَرْفِ الْجَرِّ، فَمِنَ الْأَوَّلِ هَذِهِ الْآيَةُ ; فَالْأَوَّلُ «الْمُؤْمِنِينَ» . وَالثَّانِي: «مَقَاعِدَ» وَمِنَ الثَّانِي: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) [الْحَجِّ: ٢٦] وَقِيلَ: اللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ. (لِلْقِتَالِ) : يَتَعَلَّقُ بِـ (تُبَوِّئُ) . وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَقَاعِدَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَقَاعِدَ ; لِأَنَّ الْمَقْعَدَ هُنَا الْمَكَانُ وَذَلِكَ لَا يَعْمَلُ.

قَالَ تَعَالَى: (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>