للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِذَا هُنَا يُحْكَى بِهَا حَالُهُمْ، فَلَا يُرَادُ بِهَا الْمُسْتَقْبَلُ لَا مَحَالَةَ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا قَالُوا وَهُوَ لِلْمَاضِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَفَرُوا، وَقَالُوا مَاضِيَيْنِ. وَيُرَادُ بِهَا الْمُسْتَقْبَلُ الْمَحْكِيُّ بِهِ الْحَالَ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ: يَكْفُرُونَ وَيَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ. (أَوْ كَانُوا غُزًّى) : الْجُمْهُورُ عَلَى تَشْدِيدِ الزَّايِ، وَهُوَ جَمْعُ غَازٍ، وَالْقِيَاسُ غُزَاةٌ، كَقَاضٍ وَقُضَاةٍ، لَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى فُعَّلٍ حَمْلًا عَلَى الصَّحِيحِ ; نَحْوَ شَاهِدٍ وَشُهَّدٍ وَصَائِمٍ وَصُوَّمٍ. وَيُقْرَأُ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَصْلَهُ غُزَاةٌ، فَحُذِفَتِ الْهَاءُ تَخْفِيفًا ; لِأَنَّ التَّاءَ دَلِيلُ الْجَمْعِ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الصِّفَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ، فَحَذَفَ إِحْدَى الزَّايَيْنِ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ. لِيَجْعَلَ اللَّهُ: اللَّامُ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ ; أَيْ نَدَمَهُمْ أَوْ أَوْقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ ذَلِكَ لِيَجْعَلَهُ حَسْرَةً، وَجَعَلَ هُنَا بِمَعْنَى صَيَّرَ، وَقِيلَ: اللَّامُ هُنَا لَامُ الْعَاقِبَةِ ; أَيْ صَارَ أَمْرُهُمْ إِلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا) .

قَالَ تَعَالَى: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>